باحث اقتصادي: "رفع الأجور في مواجهة الغلاء هو حل مؤقت لا يفيد على المدى الطويل وعلى أستراليا أن تؤسس لاقتصاد انتاجي"

cost of living

Source: Getty Images

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

ارتفاع التكاليف المعيشية يضع ضغوطا على الحكومة التي تدرس احتمال رفع الضريبة عن سعر الوقود.


أصبح الكلام عن كلفة المعيشة والإجراءات التي يجب أن تقوم بها الحكومة لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين الشغل الشاغل للأستراليين، من مواطنين عاديين وعاملين في حقول الاقتصاد والسياسة والاعلام. فلماذا اصبح كل شيء غالي الثمن؟

في السوبرماركت وفي محطات الوقود، وحتى شراء فنجان قهوة قد يصبح من الأمور الصعبة.

يلقي بعض الخبراء باللوم على الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا إضافة إلى ما سببته جائحة كوفيد من تباطؤ في قطاعات عديدة، وما سببته الفيضانات الأخيرة من اضطراب في سلاسل التوريد وتوفر المواد الغذائية.

في حديث مع SBS Arabic24، يقول الباحث في الاقتصاد الفيزيائي سليمان يوحنا: "منذ عشر سنوات ونحن نحذر من أننا نتجه نحو التضخم العالي لأن التركيز هو على ضخ السيولة بدون وجود اقتصاد إنتاجي، فقد أقفلت صناعة السيارات وغيرها من المصانع التي كانت موجودة في أستراليا، وتم اعتماد مبادئ التجارة الحرة في إطار الليبرالية الجديدة، التي ركزت على الايدي العاملة الرخيصة في الصين".

ويشير السيد سليمان يوحنا وهو أيضا عضو في حزب Citizen Party إلى أن الحكومات وصلت إلى مرحلة يصعب فيها الآن ضخ المزيد من السيولة لأن ذلك سيؤثر على قيمة العملات الوطنية ويحصل انهيار في العملة كالذي حصل في بلدان اخرى مثل العراق وفنزويلا.

ويدعو السيد يوحنا إلى تطبيق حلول جذرية مثل إنشاء مصرف حكومي لا يعتمد على المصارف العالمية أو البنك الدولي، من أجل تمويل القطاع الانتاجي، وبهذا تزيد الحاجة لليد العاملة.

ويرى السيد سليمان يوحنا أن رفع الأجور هو حل مؤقت لا يفيد على المدى الطويل، خاصة مع التوقعات برفع سعر الفائدة، والتي من شأنها أيضا أن تضع صعوبات على قدرة المستدينين على الإيفاء بالتزاماتهم في الرهون العقارية.

ويحذر سليمان يوحنا من "أن المستقبل يحمل أخبارا سيئة" ودعا إلى تعاون دولي أكبر من أجل توزيع الموارد والثروات، وانتقد بنفس الوقت سياسة أستراليا تجاه الصين قائلاً: "أستراليا تخلق عداء مع الصين وهي أكبر شريك تجاري لها، كما تتدخل في الحرب بين روسيا وأوكرانيا في الوقت الذي يجب أن تعمل فيه على تدارك الأمور والاهتمام بالصناعات الإنتاجية بالتعاون مع دول أخرى".

وبالنسبة للخطوات الآنية قال السيد يوحنا: "يمكن للحكومة الأسترالية الآن أن تزيل الضريبة على الوقود وأن تمنع المضاربات بين الشركات".

في ظل هذا الوضع، تم تحذير الاستراليين من توقع مزيد من الغلاء، ومواجهة مرحلة من التضخم. حيث يتوقع الاقتصاديون أن ترتفع الأسعار أكثر من ذلك.  ويؤثر ارتفاع أسعار النفط حتمًا على مجموعة من السلع والخدمات الأخرى، ومنها السفر،  فمع ارتفاع أسعار الوقود، يقول المختصون إن النفقات المرتفعة لشركات الطيران تعني أن أسعار الرحلات الدولية سترتفع أيضًا.

رئيس الحكومة سكوت موريسون قال في وقت سابق من هذا الشهر إنه على دراية بالضغوط الإضافية على المصاريف اليومية.

وفيما يدرس وزير الخزانة جوش فرايندبرغ إمكانية خفض الضريبة المفروضة على ليتر الوقود (وهي 44 سنتا للتر) بشكل مؤقت، يقول  كريس ريتشاردسون وهو أحد الاقتصاديين في مؤسسة Deloitte Access Economics إن ذلك لن يكون له فوائد كبرى أو أي فوائد على الاطلاق.

وهذا يضع وزير الخزانة جوش فرايندبرغ في وضع لا يحسد عليه خلال تحضير الميزانية المقبلة، فسوف تكون العين على صناديق الاقتراع قبل الانتخابات المتوقع عقدها في 14 أيار/مايو القادم، بحيث يقدم مغريات للناخبين تتمثل في اقتطاعات ضريبية لتخفيف غلاء المعيشة، والعين الأخرى على الخزانة التي ستفتقر لمداخيل كبيرة، في وقت يجب عليه أيضا إقناع قطاع الأعمال أن الاقتصاد بشكل عام يسير في الاتجاه الصحيح. لكن أمام وزير الخزانة تريليون دولار من الديون، ولا يوجد ضمانة بأن يتم معالجتها في التقديرات للسنوات الأربع القادمة.

فهل يمكن أن تعود الأسعار لما كانت عليه؟

يقول بعض الخبراء إن الغلاء في استراليا يعتمد جزئيا على الحرب في أوروبا الشرقية، لكن حتى لو توقفت الحرب سوف يبقى هناك مشاكل في التوريد من الصين مثلا، التي تعاني الآن من ارتفاع في حالات الإصابة بأوميكرون.

ويقول خبراء آخرون إنه وإن أرادت الحكومة خفض ضغوط كلفة المعيشة فيجب أن يصار إلى رفع الأجور. وهذا ما يدعو اليه حزب العمال أيضا.

وقد تم الكشف عن الخطوط العريضة للميزانية ومنها تخصيص مليارات الدولارات للاستثمار في البنية التحتية، والتركيز على التدريب وتعزيز المهارات، وإنشاء صناعات جديدة، وخطة للطاقة، وخلق فرض عمل في الاقتصاد الرقمي، وزيادة الانفاق على الأمن القومي والدفاعي.

وتشير الحكومة إلى أن أسعار الطاقة قد انخفضت بنسبة 8% في العامين الماضيين، وإلى اقتطاعات ضريبية تبلغ 30 مليار دولار، و10 مليار دولار سنوياً كمساعدات في كلفة رعاية الأطفال، كدليل على قيامها بتخفيف الضغط عن كلفة المعيشة.

ويقول المعهد الأسترالي للبترول إن المعدل الأسبوعي الوطني لأسعار البنزين قفز بمقدار 14.9 سنتًا في الأسبوع الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 212.5 سنتًا للتر، بعد أن تراوح بين 210.4 سنتًا و214 سنتًا.

استمعوا إلى اللقاء كاملا في المدونة الصوتية في أعلى الصفحة.


شارك